الادب العربی

اللغه والادب العربی

الادب العربی

اللغه والادب العربی

معروف الرصافی

معروف الرصافی (1875-1945) أکادیمی وشاعر عراقی اسمه الکامل معروف بن عبد الغنی بن محمود الجباری ولد ونشأ فی بغداد عمل فی حقل التعلیم وله عدة اصدارات شعریة، بنی لهُ فی بغداد تمثال لتمجید ذکراه یقع فی الساحة المقابلة لجسر الشهداء عند التقاطع مع شارع الرشید المشهور قرب سوق السرای والمدرسة المستنصریة الأثریة.               

 

 

 

ولادته ونشاته  

 

 

ولد فی بغداد عام 1875م، ونشأ فیها حیث أکمل دراسته فی الکتاتیب، ثم دخل المدرسة العسکریة الابتدائیة فترکها، وأنتقل إلى الدراسة فی المدارس الدینیة ودرس على علماء بغداد الأعلام کالشیخ عبد الوهاب النائب، والشیخ قاسم القیسی، والشیخ قاسم البیاتی، والشیخ عباس حلمی القصاب، ثم أتصل بالشیخ العلامة محمود شکری الألوسی ولازمهُ أثنتی عشرة سنة، وتخرج علیهِ وکان یرتدی العمامة وزی العلماء وسماهُ شیخهُ الألوسی (معروف الرصافی) لیکون فی الصلاح والشهرة والسمعة الحسنة، مقابلاً لمعروف الکرخی.

وعین الرصافی معلماً فی مدرسة الراشدیة التی أنشأها الشیخ عبد الوهاب النائب، شمال الأعظمیة، ثم نقل مدرساً للأدب العربی فی الأعدادیة ببغداد، أیام الوالی نامق باشا الصغیر عام 1902م، وظل فیها إلى أعلان الدستور عام 1908م، ثم سافر إلى اسطنبول فلم یلحظ برعایة، ثم عین مدرساً لمادة اللغة العربیة فی الکلیة الشاهانیة ومحرراً لجریدة سبیل الرشاد عام 1909م، وأنتخب عضواً فی مجلس المبعوثان عام 1912م، وأعید أنتخابه عام 1914م، وعین مدرساً فی دار المعلمین فی القدس عام 1920م، وعاد إلى بغداد عام 1921م. ثم سافر إلى الإستانة عام 1922م، وعاد إلى بغداد عام 1923م، وأصدر فیها جریدة الأمل، وأنتخب عضواً فی مجمع اللغة العربیة فی دمشق، عام 1923م، وبعد ذلک عین مفتشاً فی مدیریة المعارف ببغداد عام 1924م، ثم عین أستاذاً فی اللغة العربیة بدار المعلمین العالیة عام 1927م.

ولقد بنی لهُ تمجیداً لذکراه تمثالاً فی الساحة المقابلة لجسر الشهداء عند التقاطع مع شارع الرشید المشهور قرب سوق السرای والمدرسة المستنصریة الأثریة.

           

حیاته  

 

استأثرت حیاة الشاعر العراقی معروف الرصافی باهتمام الباحثین والدارسین ولم یترکوا شاردة ولا واردة إلا أحصوها، ویأتی ذلک بسبب الحیاة الطویلة العریضة التی عاشها الشاعر بأنفلات واضح فی السلوک والتصرف وغشیان الکثیر من المحظورات، وقد أهتم الباحث العراقی الدکتور یوسف عز الدین ببعض أحادیث الرصافی وحققها ونشرها عام 2004م، والأحادیث المنشورة فی الکتاب الذی عنونه الدکتور یوسف بـ"الرصافی یروی سیرة حیاته"، سجل للحیاة الاجتماعیة والسیاسیة والفکریة بکل جراءة وصراحة، والصادر عن دار "المدى" یتوزع على ثلاثة أبواب،

  • الأول: الأحادیث التی أدلى بها الرصافی لصدیقه حاکم محکمة الصلح فی الفلوجة المرحوم خالد محمد حافظ.
  • الثانی: أحادیثه یوم غادر الفلوجة إلى محلة السفینة بالأعظمیة والمدونة من قبل الأستاذ خالد کذلک، وقد سبق للأستاذ المحقق المدقق عبد الحمید الرشودی أن نشرها فی جریدة "الاتحاد" الأسبوعیة الصادرة عن اتحاد الصناعات العراقی خریف عام 1989م.
  • الباب الثالث: أحادیث الرصافی التی أدلى بها للوجیه البغدادی الأستاذ کامل الجادرجی صیف عام 1944م، وقد نشرها الأستاذ کامل فی العدد الأول من مجلة "الثقافة الجدیدة" الصادرة فی شهر نیسان من عام 1954م.

کان الرصافی قد أرتحل من بغداد من الدار التی ما زالت قائمة فی سوق الهرج وفی الزقاق المؤدی من السوق إلى بنایة الثانویة المرکزیة، ارتحل عام 1933 إلى مدینة الفلوجة ونزل فی ضیافة آل عریم الکرام، الذین أنزلوه أحد منازهم المطلة على نهر الفرات قریباً من الجسر الذی کان قد ابتنی حدیثاً والشبیه بجسر الصرافیة فی بغداد وقد زرته شتاء عام 2001م، فوجدته مهدماً وقد اخّبرت إن أصحاب العلاقة ینوون بناء عمارة على أرض الدار.

ارتحل إلى هناک بعد أن سئم الحیاة فی بغداد، ولغرض التفرغ للمطالعة والکتابة فکان یمضی مدة الصباح حتى الظهر بالکتابة لکنه على الرغم من السنوات الطوال وحتى مغادرته الفلوجة أبان أحداث ثورة مایس 1941م، ونشوب الحرب بین الجیش العراقی والقوات البریطانیة لم یکمل تألیف کتابه (الشخصیة المحمدیة أو حل اللغز المقدس)، والذی ظل مخطوطاً طیلة هذه السنوات ومنه نسخة لدى الاستاذ کامل الجادرجی وأخرى لدى الاستاذ طه الراوی وثالثة فی المجمع العلمی العراقی وکان أبی—قد أسنتسخ نسخة له عام 1949م، وقد نشر الکتاب فی مدینة کولون عام 2002م، من قبل دار الجمل التی یدیرها الشاعر العراقی خالد جابر المعالی وهو معروض الآن فی سوق الکتب (وقع هذاالکتاب فی یدی ووجدت فیه تجریح بشخصیه الرسول صلى علیه وسلم بشکل اشبه بکتاب ایات شیطانیه لسلمان رشدی من حیث التجریح لمجرد التجریح مع فارق معرفه الرصافی بالسیره النبویه مما یجعله یورد بعض الحقائق ووضعها خارج سیاقها فمثلا یستشهد بفتح الرسول صلى الله علیه وسلم للباب أثناء صلاته النافلة على تناقض بین ما یدعو الاخرین له من الحضور فی الصلاة وبین ما یمارس)

لیلاً ینعقد مجلس الشراب الیومی الذی یحضره عدد من أصدقائه منهم حاکم محکمة الصلح فی الفلوجة خالد محمد حافظ حتى إذا انفض السامر ولعبت الخمرة بالرصافی کل ملعب جلسا لیتحدث ویسمر وقد وجد خالد أن أحادیث الرصافی هذه قمینة بالتسجیل والتدوین فإنه بدأ بتدوین الأحادیث حالما یعود إلى داره خشیة اللبس وضیاعها من الذاکرة لا بل کان یستزیده ویستوضحه عن أشیاء محددة وحوادث مهمة وبعضها شخصی وأنا أراها حالة استراقیة استغفالیة إذ کان الرصافی یتحدث على سجیته وحینما یکون فی أوج تدفقه وتألقه وأخذ الخمر منه کل مأخذ وأزال عن طریقه کل المحظورات والممنوعات وأوغل فی التنقیب عن الأسرار وتعریة الذات والآخرین وإذا کان أبو نواس قد اوقفها عند موطن الأسرار فإن الرصافی لم یوقفها، ترک نفسه تأخذ حریتها کاملة وکأنه یتحدث إلى نفسه.

هذا الأمر یذکرنی بالرسائل الشخصیة التی یتبادلها الأدباء والشخصیات العامة، إنهم یتحدثون بصراحة کما لو کانوا یتحدثون مع أنفسهم لأنهم ما کانوا یحسبون أنها ستقع فی ید من ینشرها على الملأ لاحقاً فنجد فیها العجب العجاب من الضعف الإنسانی وفی الذاکرة الرسائل المتبادلة بین غسان کنفانی وغادة السمان

تخطى المحظور والممنوع أرى لو أن خالد محمد حافظ أخبر الرصافی بأنه یدون أحادیثه إلیه وأنه قد ینتظر فرصة سانحة لنشرها لما کان الرصافی قد تخطى المحظور والممنوع، ومایؤکد قولی هو قوله: "کان الأستاذ الرصافی عندما یخلو بنا المجلس ویتشعب الحدیث صریحاً إلى أبعد حدود الصراحة، یذکر الحوادث مفصلة على علاتها وحقیقتها المجردة بلا مواربة ولاتوریة فانتهزت مثل هذه المناسبات للحصول على ضالتی المنشودة، وصرت أجمع منها عن الرصافی ومن أقواله کل ما أرید وأتوق إلیه ولهذا کنت عندما یجمعنی مجلس منفرد أو عام به یستطرد الحدیث إلى ما فیه ذکر أو خبر تعلق به وبزمانه أنتبه للحدیث وعند رجوعی للبیت أبادر بتدوینه کما حفظته من الذاکرة وکنت فی سیاق الحدیث أستوضح عن عدد من النقاط وأسجلها". ص(55)

لا بل أنه قد حذف بعض الأخبار التی تتعلق بالأحیاء والحوادث المثیرة التی لامجال لسردها وما کنت أرى الرصافی بحاجة إلى مشاکل مع الناس ولذلک لا أکاد أتفق مع ما قاله الباحث الکبیر الأستاذ عبد الحمید الرشودی، بین یدی الجزء الثانی من أحادیث الرصافی المنوه عنها آنفاَ والتی نشرها بجریدة "الاتحاد" فی شهری أیلول وتشرین الأول 1989. (کان المرحوم الأستاذ حافظ خالد (هکذا) قد عین قاضیاً فی مدینة الفلوجة وکان یؤم مجلس الرصافی وقد استهوته أحادیث الرصافی فکان عند عودته إلى داره یدون مسموعاته فی أوراق خاصة وکان یعرضها على الرصافی لتأییدها وتوثیقها وقد أتیح لی أن تشرفت بمعرفة المرحوم الأستاذ حافظ خالد یوم کان قاضیاً فی محکمة بغداد سنة 1955 وقد منی إلیه المرحوم عبد صالح فحدثنی عن ذکریات الرصافی وکیفیة تدوینها وأنه کان فی بعض الأحیان یستملی الرصافی بعض المعلومات التی عاصرها فدونها الرجل بأمانة وصدق وقال أنه (یحتفظ بها) وهی فی إضبارة کبیرة...، ص161.

وأرى أن هذا الأمر ینطبق على القسم الثانی من المذکرات التی أدلى بها الرصافی للسید خالد محمد حافظ فی بغداد بعد مبارحته الفلوجة عام 1941م، لأن المقارنة بین الأحادیث هذه والأحادیث التی أملاها على الأستاذ کامل الجادرجی عام 1944م، من جهة وبین أحادیثه الأولى المدونة فی الفلوجة تظهر الفرق شاسعاً بین المجموعتین فضلاً على أن الرصافی لم یشر إلى أنه أملى أحادیث إلى غیره کما لم یشر إلى تلک الأحادیث ولو بشکل عابر مع قرب العهد بین المناسبتین (1940-1944)م. إذ کان فی أحادیثه إلى الجادرجی یتحدث باحتراس وذاکرة صاحیة، عدا أبیاته المقذعة بحق الزهاوی التی لم تنشرها مجلة "الثقافة الجدیدة" بعددها المذکور آنفاً ونشرت فی الکتاب موضوع بحثنا هذا فی حین نشرت المجلة اسم معلم الصبیان المنحرف وحذف من الکتاب لقبه.

فی أحادیث الرصافی المنشورة فی هذا الکتاب اختلاف واضطراب وخاصة مایتعلق بزواجه من المرأة الترکیة المسماة "فاطمة" یوم ذهب إلى الأستانة عام 1912م، نائباً عن المنتفک فی مجلس المبعوثان الترکی "النواب" الذی أنشئ بعد الانقلاب ضد السلطان عبد الحمید الثانی عام 1908م، وعزله والمناداة بالسلطان عبد المجید بدلاً عنه ومن ثم اعلان الدستور "المشروطیة" إذ لم تخلف هذه المرأة بحجة کونها ضعیفة البنیة، إذ یقول: "وکانت زوجتی فاطمة نحیفة للغایة ولهذا کانت أحوالها الصحیة لاتساعدها على الولادة فإنها حملت مرة واحدة وأجهضت ابناً وأشار الطبیب علیها بعد ذلک بعدم الحمل وإلا فقدت حیاتها وأعطیت الأدویة اللازمة، وقد جاء إرشاد الطبیب فی مصلحتی لأنی لم أکن راغباً فی الأولاد وبقیت فی معاشرة زوجتی فاطمة المذکورة والسکن معها فی بیت واحد المدة التی قضیتها فی الأستانة وحتى ترکی الأستانة بعد الهدنة" ص91.

ترى لماذا لم یعد إلیها، بل له أن یصطحبها معه؟ ألیست زوجته؟ أهی متاع فیترکها هناک؟، وقد عاشرها سنوات وسنوات؟ ولنسمعه یتحدث عن طلاقها منه بکل برودة أعصاب وکأنه ترک نفایة "انقطع الإتصال بینی وبین زوجتی فاطمة وحسبما علمت بعد ذلک أن زوجتی أقامت الدعوى تطلب الفرقة لغیابی غیبة منقطعة وهی أربع سنوات فحکم (....) المذکور بالفرقة وهذا کل ماعلمته عنها فیما بعد" ص70 ،إذ هناک من یقول أنه لم یتزوج من البکر "فاطمة" بل تزوج ثیباً اسمها "بلقیس" وإذ اضطربت الروایات وتناقضت فی مسألة لا تحتاج إلى تناقض فأرى أنه لم یتزوج وهذه من مبتدعاته واخیلته وعدم الاهتمام البادی فی حدیثه عنها یؤکد أنه أمضى سنواته هناک لاهیاً وصاحب قصیدة "بداعة لاخلاعة" لاشأن له بالأسرة ولا بالزواج.

الاخیلة، تکاد تنسحب على قصة لقائه بالملک فیصل الأول وأنه غادر المجلس مع عدم صدور مایستوجب زعله من قبل الملک فیصل الأول إذ کان قال ضد الملک وبلاطه شعراً فأرسل علیه الملک جلیل الشأن لیستوضحه ویعاتبه وبدل أن یعتذر عن قولته الفاحشة ترک المجلس مغاضباً وإعلانه فی أحادیثه للحاکم خالد محمد الحافظ أنه ترک المجلس لایزید فی شأنه بل یزید من شأن الملک واسع الصدر.

الملک لایرید المفاهمة

قال الرصافی أخذنی تحسین قدری وکان أحد المرافقین وأدخلنی على الملک فی غرفته، بادرنی الملک لیش یامعروف أنا الذی أعدد أیاماً وأقبض راتباً ولم یکن بخلدی أن القصیدة ستسبقنی الیه فأجبته: أسأل الله أن لاتکون کذلک وجلست على الکرسی دون استئذان ثم قال لیش کل هذا العداء یامعروف؟ فأجبته یاصاحب اللایوجد شخص واحد فی الدنیا یقول أن لی مطمعاً فی مقامکم لأجل أن یکون لی عداء معکم (....) ولما وجدت أن الملک لایرید المفاهمة قمت من مجلسی ولوحت یدی بالسلام وانصرفت..).

وأرى أن حدیثه هذا من مبتدعاته وانتفاخ الذات لکن الثابت أن الملک فیصلاً وقد جمعهما مجلس عام عاتبه على بیته الذی یقول فیه یعدد أیاماً ویقبض راتباً فقال له یامعروف أنا الذی أعدد أیاماً وأقبض راتباً فأجابه الرصافی أرجو أن لاتکون کذلک یاصاحب الجلالة، هذا ما حدثنی به المرحوم أبی وکان یحضر بعض مجالس الرصافی التی یعقدها فی داره ایام الجمع، جدت فی هذه الاحادیث ارتباکاً کثیراً لعله ناتج عن ان الرصافی یدلی بأحادیثه تحت تأثیر المسکر لذا لم اجد انه ذکر تاریخاً محدداً لای حدث لابل اختلط علیه حتى اسم عبد الرحمن النقیب، نقیب اشراف بغداد ومشکل أول وزارة عراقیة بعد جلاء العثمانیین والطامع بعرش العراق مثل غریمه طالب النقیب فیذکره باسم (محمود النقیب)، ویذکره بهذا الاسم مرات عدة ثم یعود إلى الصواب (ص79) کما اورد لنا روایات متناقضة عن مقالة کان قرر نشرها فی جریدته (الأمل) ضد الکاتب إبراهیم صالح شکر فیرجوه عبد العزیز المظفر مدیر المطبوعات وقد اجتمعوا فی دارة فؤاد الدفتری بسحب المقالة، یؤازره فی ذلک السید أحمد الشیخ داود ورؤوف الجادرجی "الاخ غیر الشقیق لکامل الجادرجی"، وبعد مرور ثلاثة ایام ذهب إلى المطبعة لیلاً وحذف المقال لکن المفجع انه یضیف وکأنه نسی ما قاله آنفا: (وفی الیوم التالی ظهرت جریدة (الأمل) والمقال على صدرها) ص122 فیزوره یاسین الهاشمی معاتباً.

کیف حصل هذا وقد ارسل من یقوم بحذف المقال نزولاً عند رغبة اصدقائه وذهب بنفسه إلى المطبعة للتأکد وحذف المقال؟

کذلک اخطا فی تحدید مساحة الأرض المهداة الیه من متصرف لواء الدلیم صدیقه محمود السنوی البالغة خمسون دونماً فی أبو غریب مع انها لاتعود إداریاً إلى لواء الدلیم بل إلى قضاء الکاظمیة التابع للواء بغداد وقد اوضح جلیة الأمر الاستاذ عبد المجید حسیب القیسی - اطال الله فی عمره- إذ زود المؤلف بنص رسالة متصرفیة لواء بغداد المرقمة 5146 فی 1938/9/3 (وزاره المدفعی الرابعة) من أن اللجنة قررت تخصیص قطعة أرض فی ابی غریب للاستاذ معروف الرصافی تبلغ مساحتها الف دونم.

والانکى من ذلک انه یقع فی الوهم، وهو یسجل اسم صدیقه، مدون مذکراته على صورته الشخصیة إذ یکتب علیها ما نصهأقدمه إلى حضرة حاکم الفلوجة السید حافظ خالد تذکاراً لما عندی له من صداقة واعجاب بأفکاره الحرة واخلاقه الفاضلة).

معروف الرصافی 1 أیار 1940 ص65

ویقع فی الخلط ذاته وهو یهدیه صورة جمعته مع الزهاوی وبینهما عازف الکمان سامی شوا کاتباً على الصورة (تقدمة مودة واحترام إلى الفاضل المهذهب(هکذا) السید حافظ خالد حاکم الفلوجة المحترم.

لقد بذل الباحث الکبیر الاستاذ الدکتور یوسف عز الدین الذی اهدى المکتبة العربیة ما ناف على الخمسین کتاباً فی تاریخ الادب والشعر والترجمات والترجمة الذاتیة فی (حلو الذکریات ومرها) بذل جهداً کبیراً فی إخراج هذا الکتاب، الذی احتوى المذکرات والاحادیث التی ادلى بها الشاعر معروف الرصافی إلى الحاکم خالد محمد الحافظ، خلال السنوات 1938 یوم عین حاکماً فی محکمة صلح الفلوجة، وحتى اواخر عام 1940 حیث دعی إلى دورة الضباط الاحتیاط لتلبد الجو السیاسی فی العراق واشتداد الصراع بین العقداء الاربعة من جهة والشرعیة الدستوریة من جهة أخرى وما نتج عنه من أحداث مایس 1941 وظل ملازماً للرصافی یسجل احادیثه حتى بعد انتقال الشاعر إلى بغداد وانتقال السید خالد إلى وظیفة حاکم تحقیق الکرخ وحتى وفاة الرصافی فجر الجمعة 16 آذار 1945 وقد آلت هذه المدونات بعد وفاة الاستاذ خالد إلى صدیقه الاستاذ عبد الرحمن سلیمان الخضیر الذی اعطاها بدوره إلى صدیقه الدکتور یوسف عز الدین کان ذلک نهایة السبعینات واذ یغادر العراق مختاراً للعمل فی جامعة الریاض (جامعة محمد بن سعود حالیاً) والعدید من جامعات الخلیج العربی تظل هذه الاوراق ثاویة فی مکتبته فی بغداد وقد فعلت الأیام فیها الافاعیل واذ یزور نجله الدکتور موئل بلده یختطف هذه الاوراق من ثوائها لیقوم الدکتور یوسف عز الدین بتبویبها وکتابة مقدمة لهاونشرها ساعده فی ذلک الباحث الکبیر عبد الحمید الرشودی والاستاذ عبد الحمید حسیب القیسی وشقیقه الادیب عبد الرزاق السامرائی.

واذا کان لهذه الذکریات من فضیلة فلها فضیلة أظهار الرصافی على حقیقته بدون مواربة أو رتوش الذی روى الأحداث من غیر تعمیة أو مجاملة ذلک انه کما ارى کان یتحدث حدیث الصدیق لصدیقه من دون أن یکون یطرق ذهنه انها ستنشر فی زمان ما لذا جاء على ذکر الکثیر من المسکوت عنه انها اشبه بتأریخ ما اغفله التاریخ الذی یقف عند الحوادث الکبرى والمهمة اما الصغیرة والشخصیة فیطویها النسیان وکر الایام فجاءت هذه السطور لتصور عقوداً من حیاة العراق الحدیث والمنطقة العربیة وحیاة الرصافی فی تألقه وخفوته فی غضبه وحبوره فی انفته واستجدائه، أو بین أوجه وحضیضه على لغة الشیخ جلال الحنفی - الذی الف کتاباً عن الرصافی بهذا العنوان، نشره عام 1962م، إنه قریب من کتاب (بغداد کما عرفتها) للبغدادی العراقی الحاج أمین الممیز—فلقد جاء فی کتابه على الکثیر من الاسرار مما دفع الرقابة إلى نزع صفحات منه من ص282 -ص293 والاهم کان الرصافی یتحدث عن ماسونیته التی غادرها سریعاً؟ أو حدیثه الصریح مع رجینة وأختها سلیمة بنتی مراد بن باشا وبشکل لا تقبله أعراف المجتمعات الشرقیة التی تمیل إلى التستر وتعمل الموبقات وتستحی من الاعلان عنها؟.      

 

وفاته  

 توفی الرصافی بدارهِ فی محلة السفینة فی الأعظمیة لیلة الجمعة فی ربیع الثانی عام1364هـ/16 مارس 1945م، وشیع بموکب مهیب سار فیهِ الأدباء والأعیان ورجال الصحافة ودفن فی مقبرة الخیزران، وصلى على جنازتهِ الشیخ حمدی الأعظمی، وشهد الصلاة علیه الشاعر ولید الأعظمی، ولقد قالوا فی تأبینهِ قصائد کثیرة          

 

شعره  

 

قال فی وصفه عظمة الله

انظرْ لتلک الشجرة ***** ذاتَ الغُصُون النظره

کیف نَمَتْ من حبّة ***** وکیف صارتْ شجره

فابحثْ وقُلْ من ذا الذی ***** یُخرجُ منها الثّمره

وانظر إلى الشمس التی ***** جَذوتها مُسْتَعِرَه

فیها ضیاءٌ وبِهــــــا ***** حرارةٌ منْتشِره

من ذا الذی أوجدها ***** فی الجوّ مثْل الشَّرَره

ذاک هو الله الذی ***** أنْعمُهُ مُنهمِره

ذو حِکمة بالِغَة ***** وقُدرة مُقْتدِرَه

انظرْ إلى اللیل فَمَنْ ***** أوجَدَ فیهِ قَمَرَه

وزانَهُ بأنجُم ***** کالدُّررِ المُنْتشِرَه

وانظر إلى الغیْمِ فَمَنْ ***** أنزَلَ منه مَطَرَه

فصُیّر الأرض بهِ ***** بعْدَ اغْبِرار خضره

وانظرْ إلى المرءِ وقُلْ ***** من شقَّ فیهِ بَصَرَه

مَن ذا الذی جهّزهُ ***** بقوّة مفتکره

ذاک هو الله الذی ***** أنعُمُهُ مُنْهمِرَه

     

 

فی وصفهِ للفقر

  • ویقول فی مشاهدته لأرملة وبنتها الصغیرة، توفی زوجها وترکهما بین الفقر والبؤس الذی یذیب القلوب الجامدة حیث‏ بلغ القمة بوصفه إذ قال:
لقیتها لیتنی ما کنت ألقاهاتمشی وقد أثقل الإملاق ممشاها
أثوابها رثة والرجل حافیةوالدمع تذرفه فی الخد عیناها
بکت من الفقر فاحمرت مدامعهاوأصفر کالورس من جوع محیاها
مات الذی کان یحمیها ویسعدهافالدهر من بعده بالفقر أنساها
الموت أفجعها والفقر أوجعهاوالهم أنحلها والغم أضناها
فمنظر الحزن مشهود بمنظرهاوالبؤس مـرآه مقرون بمرآها
تمشی وتحمل بالیسرى ولیدتهاحملا على الصدر مدعوما بیمناها
تقول: یا رب لا تـترک بلا لبنهذی الرضیعة وارحمنی وإیاها
کانت مصیبتها بالفقر واحدةوموت والدها بالیتم ثناها
هذی حکایة حال جئت أذکرهاولیس یخفى على الأحرار مغزاها
 
نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد