نزار قبانی (1923 - 1998) سفیر وشاعر سوری معاصر، ولد فی 21 مارس 1923 من أسرة دمشقیة عریقة إذ یعتبر جده أبو خلیل القبانی رائد المسرح العربی. درس الحقوق فی الجامعة السوریة وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط فی السلک الدبلوماسی متنقلاً بین عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوینه عام 1944 بعنوان "قالت لی السمراء" وتابع عملیة التألیف والنشر التی بلغت خلال نصف قرن 35 دیوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالکلمات"،[1] وقد أسس دار نشر لأعماله فی بیروت باسم "منشورات نزار قبانی" وکان لدمشق وبیروت حیزًا خاصًا فی أشعاره لعل أبرزهما "القصیدة الدمشقیة" و"یا ست الدنیا یا بیروت". أحدثت حرب 1967 والتی أسماها العرب "النکسة" مفترقًا حاسمًا فی تجربته، إذ أخرجته من نمطه التقلیدی بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترک السیاسة، وقد أثارت قصیدته "هوامش على دفتر النکسة" عاصفة فی الوطن العربی وصلت إلى حد منع أشعاره فی وسائل الإعلام.[1]
على الصعید الشخصی، عرف القبّانی مآسی عدیدة فی حیاته، منها انتحار شقیقته لما کان طفلاً ومقتل زوجته بلقیس خلال تفجیر انتحاری فی بیروت، وصولاً إلى وفاة ابنه توفیق الذی رثاه فی قصیدته "الأمیر الخرافی توفیق قبانی".[1] وقد عاش السنوات الأخیرة من حیاته فی لندن یکتب الشعر السیاسی ومن قصائده الأخیرة "متى یعلنون وفاة العرب؟" و"أم کلثوم على قائمة التطبیع"، وقد وافته المنیة فی 30 أبریل 1998 ودفن فی مسقط رأسه، دمشق.[2]
حیاته المبکرة
ولد فی دمشق القدیمة لعائلة ثریّة إذ کان والده تاجرًا دمشقیًا معروفًا،[3] وسوى ذلک من أنصار الکتلة الوطنیة التی قارعت الانتداب الفرنسی.[4] وبحسب ما یقول فی مذکراته، فقد ورث القبانی من أبیه، میله نحو الشعر کما ورث عن عمه أبو خلیل القبانی حبه للفن بمختلف أشکاله.[4] یقول فی مذکراته أیضًا، أنه خلال طفولته کان یحبّ الرسم ولذلک "وجد نفسه بین الخامسة والثانیة عشر من عمره غارقًا فی بحر من الألوان"،[4] ومن ثم شُغف بالموسیقى، وتعلّم على ید أستاذ خاص العزف والتلحین على آلة العود، لکنّ الدراسة خصوصًا خلال المرحلة الثانویة، جعلته یعتکف عنها.
خلال طفولته انتحرت شقیقته، بعد أن أجبرها أهلها على الزواج من رجل لم تکن تحبّه، وهو ما ترک أثرًا عمیقًا فی نفسه، ولم یکشف عن القصة باکرًا بل قال أنها توفیت بمرض القلب، إلا أن کولیت خوری کشفت عکس ذلک،[5] وهو ما ثبت فی مذکراته الخاصة أیضًا، إذى کتب: "إن الحبّ فی العالم العربی سجین وأنا أرید تحریره". کما ارتبط بعلاقة خاصة مع والدته، التی لم تفطمه حتى بلغ السابعة وظلّت تطعمه بیدها حتى الثالثة عشر من عمره، وهو ما دفع البعض للقول بأن نزار کان یعانی من عقدة أودیب.[4]
عام 1939 کان نزار فی رحلة بحریّة مع المدرسة إلى روما، حین کتب أول أبیاته الشعریّة متغزلاً بالأمواج والأسماک التی تسبح فیها، وله من العمر حینها 16 عامًا، ویعتبر تاریخ 15 أغسطس 1939 تاریخًا لمیلاد نزار الشعری، کما یقول متابعوه.[4] وفی عام 1941 التحق نزار بکلیة الحقوق فی جامعة دمشق، ونشر خلال دراسته الحقوق أولى دواوینه الشعریّة وهو دیوان "قالت لی السمراء" وقد قام بطبعه على نفقته الخاصة، وقد أثار موضوع دیوانه الأول، جدلاً فی الأوساط التعلیمیة فی الجامعة:[4]
![]() | ومنذ دیوانه الأول، أثار هذا الصوت المختلف جدلاً عنیفًا، وصفه نزار فیما بعد فقال "لقد هاجمونی بشراسة وحش مطعون، وکان لحمی یومئذ طریًا". |
العمل الدبلوماسی
تخرج نزار عام 1945 والتحق بوازرة الخارجیة السوریّة، وفی العام نفسه عیّن فی السفارة السوریّة فی القاهرة وله من العمر 22 عامًا.[6] کانت القاهرة حینذاک، تشهد ذروة ثقافیة وصحفیّة، وفیها طبع نزار ثالث دواوینه "طفولة نهد"، الذی لم یکن جریئًا فی عنوانه فحسب بل فی لغته الشعریّة التی لم تکن مألوفة فی ذاک الوقت. دیوان "طفولة نهد" اجتذب ناقدین کبار لمناقشته والرد علیه، من أمثال توفیق الحکیم وکامل الشناوی وأنور المعداوی،[4] وبینما تحمّس له المجددین فقد أثار الدیوان حفیظة المحافظین والتقلیدیین حتى أنّ حسن الزیات أسماه فی معرض نقده "طفولة نهر".[4] لکن الدیوان بشکل عام، شکل انطلاقة له فی الأوساط الثقافیة المصریّة حتى بات أحد رموزها. ولما کان العمل الدبلوماسی من شروطه التنقل لا الاستقرار، فلم تطل إقامة نزار فی القاهرة، فانتقل منها إلى عواصم أخرى مختلفة، فعمل فی السفارات السوریّة فی أنقرة ولندن (1952 - 1955) ومدرید (1955 - 1959) وبکین (1959 - 1961) وبیروت حتى استقال عام 1966، لیتفرغ للعمل الأدبی.[6]
الأعمال الأدبیة
انتقل بعدها إلى بیروت حیث أسس دار نشر خاصة تحت اسم «منشورات نزار قبانی»، وبدأ أولاً بکتابة الشعر العمودی ثم انتقل إلى شعرالتفعیلة، وساهم فی تطویر الشعر العربی الحدیث إلى حد کبیر. تناولت کثیر من قصائده قضیة حریة المرأة، إذ تناولت دواوینه الأربعة الأولى قصائد رومانسیة. وکان دیوان قصائد من «نزار قبانی» الصادر عام 1956 نقطة تحول فی شعر نزار، حیث تضمن هذا الدیوان قصیدة «خبز وحشیش وقمر» التی انتقدت بشکل لاذع خمول المجتمع العربی.
تمیز قبانی أیضاً بنقده السیاسی القوی، ومن أشهر قصائده السیاسیة «هوامش على دفتر النکسة» عام 1967 التی تناولت هزیمة العرب فی حرب 1967. ومن أهم أعماله الأخرى «حبیبتی» 1961 ، و«الرسم بالکلمات» 1966، «وقصائد حب عربیة» 1993. وفی حوار أجراه مع الشاعر المذیع سفیان جبر لتلفزیون الشارقة عام 1993 بعتبر نزار قبانی أن شعره السیاسی أهم من شعره العاطفی، بل ویعتبر نثره أهم من شعره.
قال النقاد عن نزار أنه "مدرسة شعریة" و"حالة اجتماعیة وظاهرة ثقافیة" وأسماه حسین بن حمزة "رئیس جمهوریة الشعر".[7] کما لقبّه "أحد آباء القصیدة الیومیة": إذ قرّب الشعر من عامة الناس.[7] الأدیب المصری أحمد عبد المعطی حجازی وصف نزار بکونه "شاعر حقیقی له لغته الخاصة، إلى جانب کونه جریئًا فی لغته واختیار موضوعاته"، لکنه انتقد هذه الجرأة "التی وصلت فی المرحلة الأخیرة من قصائده "لما یشبه السباب".[8] الشاعر علی منصور قال أن نزار قد حفر اسمه فی الذاکرة الجماعیّة وأنه شکل حالة لدى الجمهور "حتى یمکن اعتباره عمر بن أبی ربیعة فی العصر الحدیث".[8] وعن شعره السیاسی قال حسین بن حمزة: " أذاق العرب صنوفًا من التقریظ جامعًا بین جلد الذات وجلد الحکام، فی طریقة ناجعة للتنفیس عن الغضب والألم".[7]
له أیضًا دور بارز فی تحدیث مواضیع الشعر العربی "إذ ترأس طقوس الندب السیاسی واللقاء الأول مع المحرمات"،[9] وکذلک لغته "إذ کان نزار مع الحداثة الشعریة، وکتب بلغة أقرب إلى الصحافة تصدم المتعوّد على المجازات الذهنیة الکبرى. وقد ألقت حداثته بظلال کثیفة على کل من کتب الشعر، وذلک لکون قصائد نزار سریعة الانتشار".[9]
من ناحیة ثانیة، کانت قصیدته «خبز وحشیش وقمر» سببًا بجدال ضخم انتشر فی دمشق ووصل حتى قبة البرلمان، نتیجة اعتراض بعض رجال الدین علیه ومطالبتهم بقتله،[10] فما کان منه إلا أن أعاد نشرها خارج سوریا، وقبل ذلک عام 1946 کتب الشیخ رفاعة الطهطاوی فی القاهرة عام 1946، مقالة جاء فیها: "کلامه مطبوع على صفة الشعر، لکنه یشمل على ما یکون بین الفاسق والقارح والبغی المتمرسة الوقحة"،[10] وقال أیضًا: "فی الکتاب تجدید فی بحور العروض، یختلط فیه البحر البسیط والبحر الأبیض المتوسط، وتجدید فی وقاعد النحو لأن الناس ملّوا رفع الفاعل ونصب المفعول".[10] رغم ذلک فقد قررت محافظة دمشق تسمیة الشارع الذی ولد فیه على اسمه، وقد قال نزار إثر قرار المحافظة:[10]
![]() | هذا الشارع الذی أهدته دمشق إلیّ، هو هدیة العمر وهو أجمل بیت أمتلکه على تراب الجنّة. تذکروا أننی کنت یومًا ولدًا من أولاد هذا الشارع لعبت فوق حجارته وقطفت أزهاره، وبللت أصابعی بماء نوافیره. | ![]() |
فی عام 2008 ولمناسبة الذکرى الخامسة والثمانین لمولده، وتزامنًا مع احتفالیة دمشق "عاصمة الثقافة العربیة" والیوم العالمی للشعر، طاف محبّو الشارع وشخصیات من المجتمع المدنی وألقوا فی الشوارع والساحات قصائد له "عن عشق دمشق"،[10] کما قامت الأمانة العامة للاحتفالیة بطبع کتاب تذکاری یؤرخ عنه بعنوان «نزار قبانی" قندیل أخضر على باب دمشق» وهو من تالیف خالد حسین.[10] کذلک تستعد وزارة الثقافة السوریة لإعداد متحف خاص عنه، کما قامت شرکة الشرق السوریّة بإنتاج مسلسل تلفزیونی عنه.[11]
بدأ نزار بکتابة الشعر وعمره 16 عام، وأصدر أول دواوینه قالت لی السمراء عام 1944 ب دمشق حین کان طالباً بکلیة الحقوق، وطبعه على نفقته الخاصة. لنزار عدد کبیر من الدواوین، تصل إلى 35 دیواناً، کتبها على مدار ما یزید على نصف قرن أهمها طفولة نهد، الرسم بالکلمات، قصائد ، سامبا، أنت لی وعدد من الکتب النثریة أهمها : قصتی مع الشعر، ما هو الشعر ، 100 رسالة حب.
خبز وحشیش وقمر
![]() | عندما یُولدُ فی الشرقِ القَمرْ
| ![]() |
هوامش على دفتر النکسة
![]() | إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ
| ![]() |
حرب تشرین
بلقیس
على مدى 50 عاماً کان أهم المطربین العرب یتسابقون للحصول على قصائد نزار قبانی. ومنهم:
تم عمل العدید من الأعمال الفنیة التی جسدت شخصیة نزار قبانی ومنها : المسلسل السوری نزار قبانی وقد أدى دور شخصیة نزار کلاً الممثل تیم حسن (نزار الشباب) والممثل سلوم حداد (نزار الرجل).
فی الشعر
فی النثر
فی المسرح
قربوووون دستت.عالی بود مرسی
دستت درد نکنه خیلی خوب بود.ممنون